القائمة الرئيسية

الصفحات

زيارة الرئيس الفرنسي ..وبدء التدخل الدولي في لبنان



تتجه الأنظار الى الزيارة الخاطفة التى يقوم بها صباح اليوم الرئيس الفرنسى فرنسوا هولاند لبيروت وتنحصر محطته فيها بالمحادثات الثنائية التى أجراها مع الرئيس اللبنانى ميشال سليمان فى قصر بعبدا على "فطور عمل".

وتركت هذه الزيارة أجواء مشبعة بالتساؤلات والتكهنات نظرا إلى طابعها
الاستثنائى شكلا ومضمونا بحيث اقتصر العنوان العام للزيارة على الدعم الفرنسى لدور الرئيس سليمان وجهوده إلى الخروج من الأزمة السياسية التى يشهدها لبنان .

زيارة هولاند
ففي أول زيارة من نوعها للرئيس الفرنسي إلى الشرق الأوسط منذ انتخابه، كانت زيارته إلى لبنان، حيث وصل صباح اليوم إلى بيروت، وأقيم له استقبالا رسميا في قصر الرئاسة اللبنانية في بعبدا شرق العاصمة.

وبدأ الرئيس الفرنسي زيارته القصيرة، بإجراء مباحثات مع نظيره اللبناني ميشال سليمان، حول الأوضاع الراهنة في لبنان في ظل الأزمة السورية.

كما عقد الرئيسان مؤتمراً صحفياً أوضحا خلاله ما تم خلال اللقاء الذي جمع بينهما وأكدا خلاله الاهتمام الفرنسي الكبير لعودة الهدوء إلى لبنان، بعد الاحداث المؤسفة والانفجار الإرهابي الذي كان من ضمن ضحاياه رئيس شعبة المعلومات في جهاز الامن الداخلي اللبناني اللواء وسام الحسن، وكان سبباً قوياً بحدوث توترات كبيرة على الساحة اللبنانية مؤخراً.

وجدد الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند خلال المؤتمر الاعلان عن تضامن بلاده مع وحدة لبنان ، مؤكدا حرص باريس على دعم وحدته وسلامه أراضيه .

وقال هولاند: "حرصت على ان تكون لبنان ضمن المحطة الأولى في جولتي بالمنطقة".

وشدد على أن فرنسا ستعارض اي محاولة لزعزعة استقرار لبنان ، مضيفا "أنه مع استمرار الأزمة السورية ، فإن فرنسا ستدعم امن واستقرار لبنان".

واكد أن قتلة الرئيس رفيق الحريري واللواء وسام الحسن لن يفلتوا من العقاب ، مشيرا الى أنه لديه علاقات مميزة مع كافة القوى السياسية اللبنانية.

وبدوره ، أكد الرئيس سليمان الحرص على على تجنب التداعيات السلبية للأزمة السورية ، مشيرا الى أنه تم بحث سبل دعم اللاجئين السوريين.

ويتوجه هولاند من لبنان الى جدة بالسعودية حيث سيجري محادثات مع الملك السعودي عبدالله بن عبدالعزيز تتناول الملف النووي الايراني علاوة على الازمة المستمرة في سوريا.

ترقب سياسي
وجاءت هذه الزيارة وسط ترقب من القوى السياسية اللبنانية على اختلاف مواقعها، وفيما غلب التكتم على أوساط الرئاسة اللبنانية عشية الزيارة، أبرزت مصادر سياسية لصحيفة "النهار" الأهمية التى تكتسبها الزيارة من زاوية تتويج الحركة الدبلوماسية الغربية الأخيرة تجاه لبنان ذلك أن من شأن زيارة أحد أبرز الزعماء  الأوروبيين الآن للبنان أن تساهم مساهمة فعالة فى إعادة تحصين الغطاء الغربى والدولى لحماية لبنان من انعكاسات الأزمة السورية عليه والتأكيد للبنانيين أنهم ليسوا متروكين فى ظل الاهتزاز الخطير والعنيف الذى خلفه اغتيال اللواء وسام الحسن وأبعاده.

ولفتت المصادر في هذا السياق إلى أنه إلى جانب الطابع الرئاسى المباشر للزيارة كقمة بين الرئيسين اللبنانى والفرنسى فإن البعد الآخر الذى لا يقل أهمية يتمثل فى كون الزيارة لبيروت تسبق المحطة الرئيسية لهولاند فى المنطقة وهى المملكة العربية السعودية مما يعنى أن هناك خطا موصولا أكيدا بين المحادثات التى سيجريها فى بيروت والرياض حيال الوضع اللبنانى والأخطار المحدقة به والمعالجات التى يمكن المساهمة فيها أوروبيا وخليجيا لمساعدة لبنان على تجاوز أزمته.

الصحافة والزيارة
كما شهدت الزيارة ترحيباً كبيراً، على معظم الأطراف اللبنانية، حيث أجمعت الصحف اللبنانية، على أهمية زيارة الرئيس الفرنسى  وأكدت انها دعما للرئيس اللبنانى ميشال سليمان لكونه محور الحل وتعكس حرص فرنسا الكبير على لبنان واستقراره رغم ارتفاع منسوب القلق الفرنسى من تداعيات الازمة السورية على لبنان.

وأشارت الصحف إلى أن زيارة هولاند لا تعكس تدخلا فى الشئون الداخلية للبنان.

ووصفت صحيفة "اللواء" الزيارة الاولى للرئيس الفرنسى بالحدث المهم، وتحمل في طياتها دلالات كبيرة تعكس حرصا فرنسيا على لبنان، شعبا ومؤسسات، مشيرة إلى أنه على الرغم أن الزيارة محددة بثلاث ساعات بحيث أنه لن تكون للرئيس هولاند لقاءات مع مسئولين لبنانيين آخرين غير رئيس الجمهورية، إلا أن توقيتها في هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها البلد يؤكد أن فرنسا ملتزمة الوقوف إلى جانب لبنان ومساعدته في تخطي الأزمة التي يعانيها، وتأكيد الدعم للرئيس سليمان في مساعيه التي يقوم بها للعودة إلى طاولة الحوار لتجاوز المأزق القائم بعد جريمة اغتيال اللواء وسام الحسن رئيس شعبة المعلومات في جهاز الأمن الداخلي.

لفتة مميزة
واعتبرت صحيفة "السفير"، الزيارة لفتة فرنسية مميزة تجاه لبنان وموقعه التاريخي المتقدم في سياسة فرنسا الشرق أوسطية، وتعكس في الوقت نفسه، مخاوف فرنسا المتزايدة على الوضع اللبناني، في ضوء تفاقم الأزمة السورية، بشقها العسكري، وانعدام الحلول السياسية، من جهة، وازدياد الانقسام اللبناني على خلفية التباعد في مقاربة ملف الأزمة السورية من جهة ثانية.

وأضافت أن لبنان الرسمي يأمل أن تحمل الزيارة جرعة دعم فرنسية متجددة لسياسة النأي بالنفس التي تتبعها حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، بما يضمن امن لبنان واستقراره ومنع تمدد شرارة الأزمة السورية اليه"، ولطالما شدد الرئيس الفرنسي على هذا الامر، ولا سيما في الرسالة التي بعث بها الى الرئيس سليمان قبل نحو اسبوعين، ودعا فيها الى رص الصفوف وعدم الوقوع في فخ الفتنة، وتجنب الفراغ السياسي ومتابعة الحكومة مهامها.

رسالة دعم
وأكدت صحيفة "الشرق" أن زيارة هولاند تأتي كرسالة دعم فرنسي واضح وثابت لمقام الرئاسة الاولى ورئيسها، بصفته رئيسا للبلاد هو حامي الدستور، وفرنسا في هذا الاطار تؤكد ان أي فراغ سياسي او تعطيل للمؤسسات الدستورية لا يمكن ان يضمن استمرار الاستقرار او الأمن في هذا البلد.

وأشارت الصحيفة إلى أن فرنسا نفت أن تكون زيارة هولاند تصب في إطار دعم او الوقوف الى جانب فئة من اللبنانيين من دون الأخرى إنما تأتي لدعم الرئيس سليمان على الدور الوطني الذي يقوم به في هذا المجال وللجهود التي تبذلها فرنسا في هذا الاطار لا يمكنها فرض أي رأي او المطالبة بإسقاط حكومة او تغيير أخرى لأنها ترى في ذلك شأنا داخليا بحتا، وقد عبرت مرارا عن موقفها في هذا المجال بأنها لا تتمسك بأي حكومة لكنها تخشى من حدوث أي فراغ سياسي وتداعياته على الوضع الداخلي، وهذا ما لا تريده.

وأكدت صحيفة "المستقبل" أن الزيارة تحمل في طياتها دعما فرنسيا استثنائيا لمساعي رئيس الجمهورية ميشال سليمان الذي يواصل مشاوراته من أجل فتح ثغرة في جدار التأزم السياسي والأمني الذي يخيم على البلاد بعد اغتيال اللواء وسام الحسن.

تكهنات سابقة
وفي محاولة أخرى، لتفسير الزيارة، اعتبرت صحيفة "المستقبل" أن الهدف المعلن لزيارة هولاند هو تثبيت الموقف الفرنسى بأن باريس على مسافة واحدة من جميع الأطياف السياسية فى لبنان والتشديد على الحوار الداخلى و ضرورة النأى بلبنان عن نيران سوريا.

وقالت: "إن هذا لا يمنع من أن يكون السبب الرئيسى وغير المعلن لها مرتبطا مباشرة بمستقبل الأزمة فى دمشق ومن هنا يسبق موعدها القمة السعودية الفرنسية ولا يليها لتحديد الأمور بشكل أوضح".

وأضافت أن هولاند يريد أن يسمع من نظيره اللبنانى ميشال سليمان تقييما شاملا للوضع الراهن فى لبنان بعد اغتيال اللواء الشهيد وسام الحسن والنقاط الساخنة التى تختلف عندها الأطراف السياسية المتناحرة، كما يرغب فى أن يجد لديه أكثر من خطة للحفاظ على الاستقرار إلى خطة تأليف حكومة جديدة وغيرها من السيناريوهاتالمحتملة.

واعتبرت "المستقبل" أن هولاند يود أن يحمل معه إلى الرياض وجهة نظر سليمان ليتمكن فى المملكة العربية السعودية من مناقشة الأمور بشكل أدق والوقوف على مكامن الخطر فى حال أقر المجتمع الدولى دعم هذه الخطة أو تلك.

وأكدت أن زيارة هولاند إلى الرياض، التى سيكون الملف السورى أبرز موضوعاتها، سيكون لبنان أيضا حاضرا فيها بقوة على أمل إيجاد صياغة تبقى لبنان بعيدا عن أى حقل ألغام داخلى إلى حين اكتمال صورة التحرك الدولى المقبل بشأن سوريا على ضوء نتائج الانتخابات الأمريكية المقبلة والاجتماعات التى تستضيفها الدوحة منتصف الأسبوع المقبل لتشكيل إطار سورى موحد يتمكن من قيادة المرحلة الانتقالية.